أعجوبـة الخيـال الأخيـر

أعجوبـة الخيـال الأخيـر

يرفض الكثير من الناس الاعتراف بأنهم انخدعوا.. ولو لبعض الوقت.. عندما رؤوا أكي روس للمرة الأولى

إن أكي جميلة بشكل لايصدق، رشيقة ورقيقة وأنيقة. وبالإضافة إلى ذلك فهى
طبيبة وجراحة ماهرة، ولها العديد من الأبحاث العلمية. إنها فتاة أحلام
مثالية ليس لها شبيه. ليس بها سوى عيب واحد: فأكي فتاة رقمية غير موجودة
فى الواقع، صَنعتها برامج الرسوميات ثلاثية الأبعاد، وقدمتها إلى العالم
شاشات السينما واسطوانات الدي في دي ليقع فى هواها الملايين

*******

ليست أكي هى الشخصية الرقمية الأولى التى تظهر إلى الوجود، لكنها تمثل
النموذج الأرقى والأكمل فى سلسلة تطور هذه السلالة الرقمية. فبينما يبدو
تطور برامج الذكاء الصناعى بطيئاً ومحبطاً، فإن البشر الرقميين قد وصلوا
بالفعل واحتلوا شاشات السينما وصفحات الإنترنت

كانت البداية مع ظهور فيلم ديزنى وبيكسار فائق الشعبية: قصة لعبة

Toy story

الذى كان أول فيلم يصمم بالكامل باستخدام الكمبيوتر جرافيك، فيما بعد
توالت هذه النوعية من الأفلام التي يطلق عليها أفلام التحريك الواقعى

Real Animation

وكان التطور الكبير فيها قد أتى مع فيلمين متميزين: الأول هو

Shrek

من إنتاج دريم ووركس، والثاني هو

Final Fantasy

الذى نفذ بالتعاون بين ستوديوهات كولومبيا بأمريكا وجيجا هيوماكس فى
اليابان، وهو الفيلم الأول والوحيد الذى قام ببطولته طاقم تمثيل كامل من
البشر الرقميين

عام كامل مضى فى البحث والتطوير قبل بدء العمل فى الفيلم. جيش كامل من
الرسامين والمصممين ملؤوا طوابق مبانى الشركات المنتجة للمشروع. إن انقضاء
يوم واحد من العمل كان يؤدى إلى الانتهاء من بضع ثوان من الفيلم

*******

لم يعتمد الفيلم على أى من الشخصيات التى وردت بسلسلة ألعاب الكمبيوتر
التى تحمل نفس الاسم، والتى باعت ما يزيد عن 33 مليون نسخة حول العالم.
ورغم أن كل الأفلام التى صنعت اعتمادًا على نجاح لعبة كمبيوتر قد فشلت
فشلاً ذريعاً.. إلا أن ذلك كان يرجع إلى فقر القصة المصاحبة للعبة. الأمر
هنا يختلف، فقصة

Final Fantasy

تمتلئ بالعلاقات المتشابكة، الصراعات الشخصية، عذابات الحب المستحيل، الأشرار غريبى الشكل، وكل مايمكن أن يجعل الفيلم ناجحاً*******

التحدى الحقيقى كان عند إضافة الحركة لأعين الشخصيات. يقول آندى جونز مخرج
التحريك: عندما تشاهد فيلمًا فإنك تنظر إلى عينى الشخصية أكثر من أى شيء
آخر. لقد طلبت من مساعديّ أن يراقبوا الناس ويدرسوا متى ولماذا وكيف تتحرك
مقلات أعينهم. إن هذه الحركة هى التى منحت الروح للشخصيات

حاول المصممون أيضًا إضافة الواقعية إلى المشاهد، مثل إضافة بعض التجاعيد
إلى الجلد، خدوش على الأسطح الخشبية، تأثيرات الضوء المختلفة وغيرها

إن هذه الأشياء البسيطة التى تمتلئ بها الحياة استهلكت جهدًا لايوصف، وبدأ الفريق يتساءل: متى يمكن أن ينتهى كل هذا العمل؟

*******

الشرق يلتقى بالغرب

مزج الفيلم بين الذوقين الشرقى والغربى وصهرهما فى قالب واحد، حين جمع بين
عبقرية فنانى التحريك اليابانيين والإبهار السينمائى لاستوديوهات هوليوود

إن لليابانيين باع طويل فى فن التحريك لا ينافسهم فيه سوى ديزنى. فمعظم ما
تراه على شاشة التيلفزيون من مسلسلات كارتون مدبلجة هى إنتاج يابانى. ورغم
أنه كان لليابانيين دور كبير فى صنع هذا الفيلم، فقد كان من المحزن..
بالنسبة لهم طبعًا.. أن شفاه الشخصيات قد حُرٍّكت لتوائم النسخة الإنجليزية

يُحسب أيضا للمخرج اليابانى هنروبو ساكا جوتشى إصراره على الحركة الهادئة
والرقيقة جدًا للكاميرا، فهو لم يكن يريد إخراج فيلم أكشن. إن حركة
الكاميرا السريعة كانت ستقفر بذهن المشاهد إلى لعبة الكمبيوتر، الأمر الذى
كان يريد أن ينأى عنه. يقول ساكاجوتشى أن حركة الكاميرا كانت تشبه فى
رقتها إيقاع أفلام السبعينات

*******

هل تريد أن تجرب؟

ليس خلق هذه الشخصيات بالشئ الهين، فليس كل من ثبت برنامج

3D Studio Max أو Light wave

على جهازه يصبح بوسعه أن يملأ الدنيا بالإبداع. بالإضافة إلى القدرات
الكمبيوترية الهائلة فإن الأمر يتطلب أيضًا آلاف الساعات من العمل، بل
ومحفظة متخمة بالبنكنوت، إن برنامجًا للتحريك ثلاثى الأبعاد مثل

Alias Maya

الذى نفذت به شخصيات الفيلم يتراوح سعر إصداراته المختلفة بين ستة آلاف وستة عشر ألف دولار أمريكي

لا يكفى أيضًا أن تكون ماهرًا فى برامج التصميم هذه فقط، وإنما يجب أن تكون ملمًا بعلم التشريح

anatomy

والتصوير، وعلى دراية كافية بتأثيرات الظلال والأضواء والألوان

*******

وماذا بعد؟

هل يدفعنا عصر الإنترنت الذى نعيشه لأن نختلق أشخاصًا وهميين بالكمبيوتر
ثم نقع فى هواهم؟ كأنه لا تكفينا كل هذه العوالم الإفتراضية التى صار
لزامًا علينا أن نخوض فيها يومياً

فى الحقيقة.. ليس الوقوع فى حب أكي روس شيئاً سيئاً أبداً.. إن بريق الحياة في عينيها يفوق ذلك الموجود لدى كثير من البشر